التاريخ : 2017-08-12
محمد القضاة.. يهزم السرطان ليصير ملاكما
اكتشف إصابته بمرض السرطان صدفة، كان يلعب بالكرة مع ابن عمه، ووقتها وقع على الأرض مثل أي شخص ممكن أن يقع أثناء لعبه، لكن، أصابه ألـم شديد في رجله اليمين.
هذه بداية قصة العشريني محمد أسامة القضاة مع مرض السرطان التي كتبها على صفحة «قصتي مع السرطان» التي أطلقتها مؤسسة الحسين للسرطان.
قال محمد: «بعدها راجعت أحد الاطباء وتم فحصي مبدئيا وتشخيص حالتي بالديسك لكن بشكل غير رسمي. ثم حجزت موعدا لإجراء صورة أشعة (رنين مغناطيسي) ليتبين وجود كتلة على مفصل الحوض».
وتابع «في نفس اللحظة جرى تحويلي إلى مستشفى الجامعة الأردنية ومن هنا بدأت الحكاية مع المرض، بعد إجراء عملية وأخذ عينة، وبعد عدة أيام ظهرت النتائج وعرفت بإصابتي بالمرض وجرى تحويلي إلى العلاج بمركز الحسين للسرطان.
ويصف محمد القضاة شعوره بـ»الغريب، بحكم أنه مرض صعب ولأنني كنت صبيا في الصف الخامس ولا أمتلك معلومات عن المرض أو ما هي خطورته».
وهو لم يشعر بأي آثار مرضية قبل اكتشاف إصابته بالمرض. كان يحب الحركة كثيرا ويحب دراسته ولم يعان من أي مرض سابقا.
وعن ردة فعل العائلة، أشار محمد الى أنه كان محزنا وخصوصا أنه في ذلك الوقت (2005) كانت حالتي هي الثالثة في مرض سرطان مفصل الحوض محليا.
«لا أنسى دموع والدتي الغالية تنهمر حرقة لما أصابني وخوفها الشديد علي وبخاصة أنني ابنها الوحيد، لدي أخت فقط، عائلتي وأقاربي حزنوا بشدة. أما أصدقائي فكان شعورهم غريبا في ذلك العمر.. ينظرون إلي وأنا فاقد شعر الرأس والوجه، فكانت نظراتهم حزينة، متعجبة».
واكد أنه هو من ساند نفسه وأهله ليتجاوزوا تلك المحنة. إذ لم يحسِّسهم أنه مريض بمرض خطير أو قاتل.. «دائما كنت مبتسما وفرحا».
وعن فترة العلاج، قال: «بدأت العلاج في مركز الحسين عام 2005 بعد تحويلي من مستشفى الجامعة بالعلاج الكيماوي والأشعة العلاجية بعد إرسال حالتي إلى الخارج لبيان مدة العلاج، تعالجت بـ15 جرعة كيماوي مكثفة (بواقع 5 ايام للجرعة الأولى و3 أيام للجرعة القادمة) و30 جلسة أشعة علاجية، واستمرت فترة العلاج سنة ونصف السنة بحلوها ومرها وأوقاتها الصعبة.
ويتذكر: «استمر الطبيب بتحفيزي أنا وأهلي، وهو من حبّبني بالعلاج، إلى جانب أملي بالله بالنجاة من المرض». وعن إحساسه بعد تلقي جرعات الكيماوي، قال «بعد أي جرعة كان يحدث لي مضاعفات شديدة وتعب وإرهاق يجبرني أن أدخل المستشفى فيتأخر موعد الجرعة التي تليها».
ويتابع: «تغيرت شخصيتي آنذاك، وبسبب صغر سني أصبحت محبا للحياة والقتال للشفاء من المرض وأصبح لدي رغبة وإصرار ومقاومة للصعوبات القادمة في حياتي مهما كانت».
قوتي كنت أستمدها من الإيمان بالله أولا، ثم وقوفي مع ذاتي وإقناع نفسي بأنني سأتغلب على المرض وسأعود أقوى من قبل وأهلي ومساندتهم لي في كل مراحل علاجي وجميع الكوادر العاملة في المركز وأسلوبهم الراقي والرائع.
وتقبل خبر المرض بكل راحة وبدون صدمة كبيرة لقناعته بأن الله «إذا أحب عبدا ابتلاه» وهو الوحيد القادر على إخراجه من محنته الصعبة.
لم يشعرهم يوما بأنه مريض، ابتسامته كانت لا تفارق وجهه إلا في بعض الأيام الصعبة التي دخل وقتها بحال تعب سريري شديد، رغم ذلك كان يحاول أن يصنع التفاؤل وأن يرسم الفرح على وجه أمه حينما تراه في قمة نشاطه حتى لو وصل حد الإنهاك».
ويتابع «في مرحلة من مراحل العلاج تعبت بشدة ونزل مستوى دمي لـ5 ووضعوا لي جهاز التنفس ونقلوني إلى العناية الحثيثة».
»لم أستطع الحركة وكنت مجرد جسد مسجّى، كنت أصارع بأنني يوما ما سأقف، ووقتها صراحة كنت قد فكرت بالموت وبنفس اللحظة حفزت نفسي وتحدثت مع ذاتي لأخرج من هذه الحالة بنفسيتي القوية».
في عام 2010 بدأت لعبة الملاكمة «بعد أن منعني الطبيب من ممارسة أي نشاط رياضي حتى 2009 بسبب هشاشة العظام». لكن بعد النظام الغذائي «تحسنت بشكل كبير فسمح الطبيب لي بممارسة الرياضة لكنه لم يتوقع أن أدخل لعبة عنيفة مثل الملاكمة».
تدرب محمد بشكل منتظم وشارك ببطولة المملكة المفتوحة للملاكمة وحصل على المركز الثاني في وزن الـ54 كيلو. «حصّلت فضية المملكة بعد أن كنت لا أستطيع التحرك.. الحمد لله».
وعن رسالته للمرضى الآخرين بالسرطان، يقول محمد القضاة «التسلح بالأمل الموجود لدى الفرد مهما كانت حالته وأن يعزز ذاته بكل القوة الداخلية والخارجية وعدم الاستسلام وعدم سماع كلام أشخاص لا تعرف شيئا عن المرض سوى أنه مرض يطلق عليه اسم المرض الخبيث.. استمر في معركتك لأنه في نهاية المطاف هو الفوز إن كنت تؤمن بذاتك، فلتقف مع نفسك وتجزم بأنه مرض مثل أي مرض شفاؤه ليس صعبا وعلاجه متاحا، ولتعلم أن كل شعرة تسقط من رأسك سيخرج مكانها بدلها، ولتعلم أن أوجاعك مؤقتة وزائلة، ستعود قويا وجميلا كالقمر الذي أضاء الكون. فتلك المعركة مؤقتة.
عدد المشاهدات : [ 14137 ]